فرض الله سبحانه الزكاة على المسلمين لتكون نوعاً من أنواع الرحمة والألفة التي تسود المجتمع وتعيد توزيع الثروة حتى لا تكون حكراً على طبقة محدّدة، ومن أشكال الزكاة المفروضة؛ زكاة الزراعة.
فما هي شروط زكاة الزراعة وما هو نصابها؟ وما هي أصناف الزروع والثمار التي تجب عليها الزكاة، وما مقدار هذه الزكاة وما الفرق بينها وبين زكاة الركاز؟ هذا ما سنتعرّف عليه في هذا المقال.
ما هي زكاة الزراعة؟
هي إحدى أنواع الزكاة المفروضة، وتُدفع على المحاصيل من زروع وثمار بعد تحقّق شروطها.
وتختلف زكاة الزراعة عن زكاة المال من حيث النسبة وزمن الاستحقاق الذي يكون يوم الحصاد.
ومن أدلة زكاة الزروع في القرآن الكريم؛ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267] وقوله سبحانه: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
ومن أدلتها في السنة النبوية قول النبي ﷺ: (فيما سقتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان عَثَريًّا، العُشْرُ، وما سُقِي بالنَّضْحِ، نِصفُ العُشرِ) [البخاري: 1483]، إذ حدد النبي ﷺ مقدار الزكاة على الزروع بعد بلوغها النصاب.
شروط وجوب زكاة الزروع
لزكاة الزروع أو الزراعة شروط يجب تحققها ليتم استخراج جزء منها متعلق بدافع الزكاة وجزء آخر متعلق بالمحصول نفسه.
شروط وجوب الزكاة على الدافع
- أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً مكلفاً.
- أن يكون المكلف حراً لا عبداً.
- أن يكون مالكاً للمال (الزروع والثمار) صاحب قرار فيه.
شروط وجوب الزكاة على المال
- أن يكون قابلاً للزيادة والنماء مثل المحاصيل من الأراضي الزراعية، المواشي القابلة للتكاثر.
- أن تكون زائدة عن حاجة صاحبها الأساسية من طعام وشراب ونفقة.
- أن تبلغ النصاب وهو المقدار الذي تجب فيه الزكاة، ويكون بعد مرور عام هجري بالنسبة لأغلب أشكال الثروة، وعند وقت الحصاد بالنسبة للزروع والثمار.
- أن تكون هذه الزروع والثمار مما يزرعه الإنسان ويبذل فيه الجهد لإنمائه، أما ما نبت بنفسه دون جهد الإنسان فلا زكاة فيه.
- أن تكون هذه الثمار قوتاً مدّخراً، أي من الثمار التي يمكن أن يقتات منها الانسان، وتصلح للحفظ والتخزين دون أن تتعرّض للتلف.
زكاة الزروع والثمار على المزارع ومالك الأرض
تُفرض زكاة الزروع والثمار على الأرض المزروعة سواءً من المالك أو المستأجر، في حين لا تُفرض زكاة الزراعة على مالك الأرض إلا في حال كان هو الذي يزرع (بنفسه أو بمساعدة عمال)، أو كان شريكاً للمُزارع.
وذكر ابن قدامة في كتابه المغني: “من استأجر أرضاً فزرعها فالعشر عليه دون مالك الأرض، وبهذا قال مالك والثوري وشريك وابن المبارك والشافعي وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: على مالك الأرض لأنه من مؤونتها أشبه الخراج”.
وقال الرافعي في كتابه الشرح الكبير أنه لا يوجد فرق بين ما تنبته الأرض المملوكة والأرض المستأجرة حول وجوب الزكاة على الزارع.
أصناف الزروع والثمار التي تجب عليها الزكاة
اختلف علماء الفقه القدماء والمعاصرون حول المحاصيل التي تجب عليها الزكاة، إذ حدّد بعض الفقهاء وجوب الزكاة على أربعة أصناف فقط وهي التمر والشعير والزبيب والحنطة.
فيما ذهب بعض العلماء إلى وجوب زكاة الزروع على كل ما يقتات به ويتم ادخاره، فيما يرى آخرون أن الزكاة تجب في كل ما ييبس ويبقى ويمكن وزنه.
وذهب علماء المذهب الحنفي إلى وجوب الزكاة على كل ما يُستنبت من الأرض ويُقصد به نماء الأرض، حتى الخضروات والفواكه، وهي ما يعمل به أغلب العلماء المعاصرين، لأنه بذلك يكون أكثر عدالة وإنصافاً.
نصاب زكاة الزروع والثمار
نصاب زكاة الزروع والثمار خمسة أوسُق، والوسق يعادل 60 صاعاً، وبذلك يكون النِصاب 300 صاع بصاع النبي ﷺ “والصاع أربع حفنات باليدين المتوسطتين المعتدلتين الممتلئتين” من تمر أو زبيب أو حبوب كقمح أو الشعير وما شابه.
وبحسب المقاييس المعاصرة فإن الخمسة أوسق تعادل حوالي 653 كيلو غرام من الحبوب، ويقاس على هذا النصاب جميع المحاصيل والمزروعات مع تقدير الوزن لها وهي جافّة.
ويختلف نصاب زكاة الزروع والثمار عن نصاب المال الذي يقدر ب 85 غرام من الذهب الذي يبلغ عليه الحول.
المقدار الواجب إخراجه في زكاة الزروع
يختلف المقدار الواجب إخراجه في زكاة الزروع، وفقاً للجهد الذي يبذله المزارع في الري، وهو على الشكل التالي:
- حالة الري الطبيعي: وهو ما يتم بنزول المطر أو بجريان ماء الأنهار والسواقي داخل الأرض أو بواسطة القنوات المحفورة من الأنهار (أي كل ما يتم بدون جهد يذكر)، فإن مقدار الزكاة الواجب هو العُشر = 10% من المحصول.
- حالة الري الصناعي: وهو ما يتم ببذل الجهد مثل نقل الماء من المنبع بالجمال أو العربات ويكون فيه تكلفة، يكون مقدار الزكاة بهذه الحالة نصف العُشر = 5% المحصول.
- حالة الرى المشترك: وهي ما تكون بمزيج من الري الطبيعي والصناعي، ويكون بذلك المقدار الواجب إخراجه في زكاة الزروع هو ثلاثة أرباع العُشر = 7.5%.
وكما نلاحظ فإن مقدار زكاة المال الأساسي المعتمد بنسبة 2.5% لا ينطبق على هذا النوع من الزكاة.
الفرق بين زكاة الركاز وزكاة الزروع
الرِكاز هو كل مال مدفون عُلِم أنه من دفن أهل الجاهلية قبل الإسلام، سواء كان هذا المال؛ ذهب أو فضَّة أو نحاس أو غيرها من المعادن والأشياء النفيسة.
وتكون زكاة الركاز بإخراج الخُمُس 20% منه وتوزع في ذات الأوجه التي توزع بها الغنائم من الحروب.
وتختلف زكاة الركاز عن زكاة الزروع باختلاف عين المال والنصاب ومقدار الزكاة، إذ أن الرِكاز هو كنز ثمين مدفون يتم استخراجه من باطن الأرض أو ما شابه وزكاتها تكون 20%.
في حين أن زكاة الزروع تكون على المحاصيل الدائمة النمو والتجدد الناتجة عن جهد الزراعة البشري، وتكون من 5% إلى 10% بعد تحقيقها للشروط وبلوغ النصاب.
التبرع بزكاة الزروع والمحاصيل
بعد حساب واستخراج زكاة الزراعة يتم توزيعها على مستحقيها من الفئات الثمانية الذين ذكرهم الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة : 60].
ويمكن التبرع بأموال الزكاة مباشرة إلى المستحقين أو توكيل منظمة إغاثية أو جمعية خيرية للقيام بذلك، إذا تحظى هذه المنظمات الإمكانات والخبرات التي تمكنها من الوصول إلى المستحقين في الأماكن التي يصعب على الأفراد الوصول إليها، إلى جانب قيام هذه المنظمات بتقديم الزكاة على الوجه الذي يحقق أكبر فائدة للمستحقين.
التبرع بالزكاة لسيما
تعد الرابطة الطبية للمغتربين السوريين (سميا) SEMA من المنظمات والهيئات الناشطة والفعّالة في إيصال أموال الزكاة والتبرعات إلى مستحقيها، عبر استهداف اللاجئين من خلال الأعمال الإغاثية والمشاريع التنموية والنهضوية، والبرامج الطبية.
إذ يُعتَبر اللاجئون من الفئات الهشة اجتماعياً والأكثر فقراً من الناحية المادية، فضلاً عن ازدياد الحاجة المستمرة إلى تحسين الواقع الطبي والعلاجي في مخيمات اللجوء وهو ما تأخذه سيما على عاتقها.
وقد أدّى الزلزال المدمّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا إلى تدهور كبير في الواقع الإغاثي بما فيه القطّاع الصحي والطبي العلاجي، مما يستدعي مزيداً من الحاجة إلى تطويره ودعمه بشكل أكبر ليقدم العلاج اللازم لضحايا الزلزال.
الأسئلة الشائعة
ما هي شروط زكاة الزروع والثمار؟
شروط زكاة الزروع والثمار أن تكون قوتاً مدّخراً، من المحاصيل التي بلغت حد النصاب.
كم يكون نصاب زكاة الزروع والثمار بالكيلو جرام؟
نصاب زكاة الزروع والثمار حوالي 653 كيلو غرام.
كيف تحسب زكاة الثمار؟
تُحسب زكاة الثمار بما يعادل عُشر (10%) منها إذا بلغت النصاب.
هل يجوز إخراج زكاة الزروع مالا؟
أفتى بعض العلماء بجواز إخراج زكاة الزروع مالاً إذا اقتضت المصلحة ذلك.