عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ: «إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ».
ضاعف عباداتك في العشر الأواخر من رمضان
ينتظرُ التّاجر مواسمَ البيع ليزيدَ ربحهُ، وينتظر الفلّاح مواسم الحصادِ ليجمع رزقهُ، وينتظرُ الطالب مواسم الاِمتحانات ليقطف ثمار جهدهِ. كذلك حال المؤمن في مواسم العبادات والطاعات، إذ ينبغي له أن يستغلّ كل لحظة فيها في التقرّب من الله تعالى.
يجب أن تكون عباداتنا في رمضان أكثر منها قبله، وفي الأيام الأخيرة أكثر من الأولى، كما اِتفق الفقهاءُ على اِستحباب مضاعفة الجهد في الطاعات خلال العشرِ الأواخر من رمضان، بقيام الليل والإكثار من الصدقات وتلاوة القرآن وتدبّره وفعل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أهمية آخر 10 أيام من شهر رمضان
لابدّ أن يكون لنا نصيبٌ من غنائم هذا الشهر الفضيل وأن ندرك نفحاته، لا سيما في أيام العتق من النار، إذ ورد في سيرة النبي ﷺ اِجتهاده في العشر الأواخر من رمضان في رواياتٍ عديدة:
- عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: «كانَ رسولُ اللهِ ﷺ إذا دَخَل العَشْرُ أحْيَا اللَّيلَ، وأيْقظَ أهلَه، وجَدَّ، وشَدَّ المئزَرَ» [متفق عليه].
- كما أخرج الطبراني عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: «كان رسولُ اللهِ ﷺ يُوقِظُ أهلَه في العَشْرِ الأواخِرِ مِن شهرِ رمَضان، وكلَّ صغيرٍ وكبيرٍ يُطيقُ الصَّلاةَ». وفي ذلك حثٌّ لأولياء الأمور على دعوة أبنائهم وأهلهم ليكون لهم حظّاً من الطاعة والعبادة.
- روى الترمذي من حديث زينب بنت أم سلمة قالت: «لم يَكنْ النبي ﷺ إذا بقيَ من رمضان عشرة أيام يدعْ أحداً من أهلهِ يُطيقُ القيامَ إلّا أقامه».
قراءة القرآن والدعاء والذكر
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من قرأ حرفًا من كتابِ الله فلهُ بهِ حسنة، والحسنةُ بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكنَّ ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف». وكان هذا الحديث في غير رمضان، فما بالك عن فضل التلاوة والتدبّر في شهر البركة والجوائز؟
كما يجب عليك أن تجعل لنفسك ورداً من الأدعية والأذكار، وأن تستثمر كلَّ لحظة تمرّ في هذه الأيام المباركة، فالزم الذكر والحمد والتسبيح والصلاة على رسول الله.
تحري ليلة القدر
اِتفق جمهور العلماء على فضل ليلة القدر وعظم العبادة فيها، وإن لم يتفقوا على تحديد ليلة بعينها لاختلاف الروايات، لكن في ذلك فرصةً لتكثيف العبادة في كلِّ ليلةً من ليالي العشر الأخير، عسى أن يصيب المؤمن ليلة القدر ويتعرّض لنفحاتها.
- قال تعالى في كتابه الكريم: {إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ، وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ، لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ، تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمۡرٖ، سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ}.
- وعن أبي هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النبيِّ ﷺ أنَّه قال: «مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه».
- أما عن ابنِ عَبّاسٍ رضي الله عنهما فروى أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبيَّ ﷺ فَقَالَ: “يا نَبيَّ الله، إِنّي شَيْخٌ كَبيرٌ عَلِيلٌ يَشُقُّ عَلَيَّ القِيَامُ، فَأْمُرْني بِلَيْلَةٍ لَعَلَّ الله يُوَفِّقُني فيهَا لَيْلَةَ القَدْر، قالَ: «عَلَيْكَ بالسَّابِعَةِ». [رواه أحمد].
- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعَفُ عَنِّي».
تطبيق الاعتكاف
ممّا ينبغي على المؤمن أن يحرص عليه في هذه الأيام المباركة، الاِعتكاف في المسجد والاِنشغال في العبادة دون سواها.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي ﷺ «يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلمّا كانَ العام الذي قُبض فيه اِعتكف عشرين يوماً».
- كما قال تعالى في وصف عباده المقرّبين: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، فرمضان هو الوقت المثالي لهجر الفراش واللجوء إلى الله والتضرّع له في الليل والنهار، بمعزلٍ عن الخلق وملهيات الحياة.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعَد يذكر الله حتى تطلُع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة».
الصدقة والزكاة
اِحرص على أن يكون لك صدقةٌ يوميّة في رمضان، سواءً كانت كبيرةً أو صغيرة، فالمهمّ أن يرى الله منك اِجتهاداً على الصدقات في هذا الشهر الكريم.
وإن كنت ممّن أنعم الله عليهم فلا تتردّد في دعم المسلمين المستضعفين الذين شرّدوا من بيوتهم وباتوا في المخيمات، فاجعل لهم نصيباً من صدقاتك لعلّك تنال بهم أجراً عظيماً.
- عن أنس رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان».
- عن اِبن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المُرسَلة».
اغتنام جميع الوقت
اِحرص على اِغتنام كلّ نَفَسٍ يدخل ويخرج إلى جسدك في هذه الأيام المباركة، فاشغل نفسك بالذكر والتلاوة في قيامك وقعودك، وبادر إلى الإكثار من الصدقات وفعل الخيرات.
واحذر من اللصوص! فهناك من يريد أن يسرق وقتك في هذه الأيام المباركة، كوسائل التواصل والبرامج والمسلسلات التي لا فائدة تُرجى منها.
التبرّع بزكاة الفطر لصالح اللاجئين
قال تعالى في محكم التنزيل: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة البقرة: الآية (110)].
يعيش ملايين اللاجئين من المسلمين المستضعفين داخل المخيمات المتهالكة، في بيئة يسودها الفقر والمرض واِنعدام أدنى مقومات الحياة، ينتظرون حلول الشهر الكريم طوال العام، لما يحمله من خيرٍ ومؤونة للجميع.
تسقبلُ منظمة سيما كافّة أشكال الزكاة، وتحرص على إيصالها لمستحقيها بنزاهة وأمان، عبر برامج منسّقة وكوادر موثوقة. ليس هناك أحدٌ أشدّ فقراً وعوزاً من اللاجئين، فلا تتردّد في دفع صدقتك أو زكاتك أو زكاة الفطر لدعمهم ورسم الاِبتسامة على وجوههم.
الأسئلة الشائعة
متى تبدأ العشر الأواخر من رمضان 2024؟
تبدأ العشر الأواخر من رمضان 2024 غالباً في (31/3/2023)، إذ تبدأ العشر الأواخر من رمضان ابتداءً من ليلة إحدى وعشرين هجرية، سواءً كان الشهر ثلاثين يوماً، أم كان تسعاً وعشرين.
ماذا تسمى الأيام العشرة الأخيرة من رمضان؟
تسمى الأيام العشرة الأخيرة من رمضان بأيام العتق من النيران.
ماذا يفعل المسلم في العشر الأواخر من رمضان؟
يجتهد المسلم في العشر الأواخر من رمضان في مضاعفة العبادة والطاعة، وتلاوة القرآن والذكر وممارسة الصدقات، وإن كان قادراً على الاِعتكاف في المسجد والاِنغماس في العبادات فليفعل.
ما هي أفضل الليالي في شهر رمضان؟
أفضل الليالي في رمضان هي ليالي العشر الأواخر، فكان رسول الله ﷺ يجتهد فيها أكثر مما يجتهد في غيرها، كما أن ليلة القدر تكون فيها.
