الأضحية شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، فهي دليلٌ على حُسنِ طاعة العبد وقربه من الله تعالى والامتثال لأوامره، وإحياءٌ لسنّة سيدنا إبراهيم الخليل الذي استجاب لأمر ربّه لمّا أمره بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليهما السلام.
يمتدُّ أثرُ الأضحية لتكون ذات أبعادٍ روحيّة ودينية واجتماعية تعود فضائلها على المُضحّي ومن حوله من المسلمين.
سنتعرّف في هذا المقال على تعريف الأضحية ودليلها وثوابها وأحكامها، ونُجيب عن كلِّ الأسئلة المتعلّقة بها.
تعريف الأضحية
- الأضحية لغةً: اسم الحيوان الذي يُضحَّى به أيام عيد الأضحى، وجمعُها: الأضاحي.
- الأضحية اصطلاحاً: هي ما يذبحهُ المُسلم من بهيمة الأنعام في عيد الأضحى تقرّباً وطاعةً لله عزَّ وجل.
الأضحية ودليلها من القرآن والسنة النبوية
الأضحية مشروعةٌ في الإسلام وفقاً للقرآن الكريم والسنّة الشريفة، إذ وردّ ذكرها في عِدّة مواضع.
من دلائل الأضحية في القرآن قوله تعالى:
- (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) [سورة الكوثر – الآية 2].
- (ذَ ٰلِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ) [سورة الحج – 32].
كما رُويَ عن صحابةِ رسول الله ﷺ مجموعةً من الأحاديث التي تؤكّد حرصه ﷺ على أداء الأضحية، ومن أبرز ما جاء في السنّة عن دلائل الأضحية والترغيب بها:
- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: “أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي” [جامع الترمذي – 1507].
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ” [صحيح البخاري – 5558].
- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا) [سنن ابن ماجه – 3123].
ثواب الأضحية
وإنَّ أداء الأضحية دليلٌ على تقوى المُسلم وذلك لقوله تعالى: {وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} [سورة الحج – 32]، وقد وعدَ الله عبادهُ المتّقين بجنّةٍ عرضها السماوات والأرض وأجرٍ عظيم.
كما أنَّ تقديم الذبائح والقرابين والتقرّب بها إلى الله من أعظمِ العبادات والطاعات، فهذا عملُ الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.
من فضائل الأضحية؛ أنّ الله قرنها بالصلاة في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) وذلك دليلٌ على عِظمِ شأنها.
وعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الأَضَاحِيُّ قَالَ ”سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ”. قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ”بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ”. قَالُوا فَالصُّوفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ﷺ”بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ”. [سنن ابن ماجه – 3127].
وجوب الأضحية
الأضحية سنّةٌ مؤكدة وذلك بإجماع جمهور الفقهاء من السادة الشافعيّة والحنابلة وبعض المالكية، بناءً على حديث أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ:
(إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَلاَ بَشَرِهِ شَيْئًا) [سنن ابن ماجه – 3149].
وجهُ الدلالة على أنها سُنّة؛ هو تعليق الأضحية بالإرادةِ (كما في قوله ﷺ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ)، والأصلُ أنَّ الواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ.
بينما قال الإمام أبو حنيفة بوجوبها على كلِّ من ملك ثمنها وكان غنيّاً، وذلك لقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ) [سورة الكوثر 2].
وحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا) [سنن ابن ماجة – 3123].
شروط وأحكام الأضحية
هناك مجموعةٌ من الشروط الواجب تحقيقها حتّى تكون الأضحية صحيحةً ومقبولة، نفصلها فيما يلي:
1- أنواع الحيوانات التي يجوز التضحية بها
لا بدَّ أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام وهي (الإبل والبقر والغنم).
الدليل على ذلك في قوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكࣰا لِّیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِۗ فَإِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱ فَلَهُۥۤ أَسۡلِمُوا۟ۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِینَ)[سورة الحج 34]
2- عمر الأضحية
يجبُ أن تبلغُ الذبيحة العُمر المحدّد شرعاً حتى تكون صالحةً للتضحية، فعن جابر رضي الله عنه أنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال: (لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ) [صحيح مسلم – 1963].
لذا لا يجوز التضحية بما دون الجذعة من الضأن، وما دون الثنية من الإبل والبقر والمعز، وتفصيلها كالآتي:
- الثني من الإبل ما تمَّ له 5 سنين.
- ومن البقر ما تمَّ له سنتان.
- ومن المعز ما تمَّ له سنة.
- والجذعُ من الضأن ما تمَّ له 6 أشهر أو سنة فما فوقها.
3- الحالة الصحية للأضحية
يجبُ أن تكون الذبيحة سليمة وخالية من العيوب والأمراض الشديدة، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قَالَ: (سمعْتُ رسولَ الله ﷺ – وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله ﷺ – يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنْقِي). [سنن النسائي – 4371]. والعجفاء هي الهزيلة، والعوراء هي التى ذهب بصر إحدى عينيها.
4- كيفية ذبح الأضحية
يُعتبر ذبح الأضحية وفقاً للطريقة الإسلامية الأسلوب الأرحم بالنسبة للحيوان، والأفضل من ناحية جودة اللحم الصحيّة، وحتى تكون الأضحية مقبولة لا بدَّ من ذبحها وفقاً للشروط التالية:
- أن يكون الذابح مسلماً ومؤهلاً للذبح.
- ذكر اسم الله على الذبيحة، في أن يقول الذابح: “بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ”.
- تثبيت الذبيحة بإحكام وذبحها بقوة باستخدام سكينة حادّة لعدم تعذيبها.
- ومن آداب الذبح توجيه الذبيحة نحو القبلة.
- الإحسان إليها قبل الذبح (من تقديم مأكل ومشرب وظل).
5- توقيت ذبح الأضحية
يبدأ وقت ذبح الأضحية المحدّد شرعاً من بعد صلاة عيد الأضحى حتّى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة. وما ذُبح في غير ذلك الوقت فهو كغيره من الذبائح ولا يُعتبر من الأضاحي.
شروط وآداب المضحي
- يجبُ أن ينتهي المضحي عن قطعِ شيءٍ من شعره وأظافره بمجرّد دخول شهر ذي الحجة.
- من الأفضل أن يذبح المضحي أضحيته بنفسه إن استطاع.
- يُستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته ويدّخر.
توزيع الاضحية
يجوز للمضحي أن يأكل من أضحيته ويتصدّق، فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: (إذا ضحَّى أحَدُكم فلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِه) [الجامع الصغير – 732].
وقد اعتاد أهلُ العِلم على تقسيمها أثلاثاً، ثلث لأهل المضحي، وثلث للفقراء، وثلث للأقارب والجيران، ولا حرج في توزيعها على غير ذلك النحو. ولكن:
- لا يجوز إعطاء الجزّار شيئاً من الذبيحة مقابلاً لعمله.
- يحرمُ بيعُ أي شيءٍ من الأضحية حتى صوفها وعِظامها.
التبرع بالأضحية للمحتاجين واللاجئين
تنتظر آلاف العائلات من إخواننا اللاجئين في المخيمات حلول عيد الأضحى المبارك ليصلهم نصيبٌ من اللحم الذي لم يتذوقه بعضهم منذ زمنٍ طويل!
لذا ندعوكم للتبرع بالأضاحي لصالح هؤلاء المستضعفين الذين يعيشون أسوأ الظروف في شتات المخيمات، وإدخال الفرحة إلى قلوبهم خلال أيام العيد المباركة.
تعمل الرابطة الطبية للمغتربين السوريين “SEMA” في مشاريع توزيع الأضاحي على مراعاة جميع الشروط الصحيحة في ذبح الأضحية وفقاً للشريعة الإسلامية، ومن ثمّ إيصالها للمستحقين بعناية.
ساهم معنا الآن من خلال التبرع بثمن أضحية وكن على يقين أنَّ تبرعك سيصل إلى مستحقيه.
الأسئلة الشائعة
ما هو الهدف من الاضحية؟
يكمن الهدف من الاضحية في النقاط التالية:
-تأكيد المسلم على طاعة الله والامتثال لأوامره.
-التقرّب من الله تعالى وشكره على نعمه.
-إحياء سنّة سيدنا إبراهيم الخليل.
-إعانة الفقراء والمحتاجين من المسلمين.
هل يجب على المسلم أن يضحي كل عام؟
نعم، يجب على المسلم القادر أن يضحي كل عام في أيام عيد الأضحى.
ما هي شروط المُضحّي؟
شروط المضحي هي:
-يجبُ أن يمتنع عن قطعِ شيءٍ من شعره وأظافره عند دخول شهر ذي الحجة.
-من الأفضل أن يذبح المضحي أضحيته بنفسه إن استطاع.
–يُستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته ويدّخر.
ما هي شروط الأضحية؟
شروط الأضحية تتضمن التالي:
-الإبل: لا تقل عن خمس سنوات.
-البقر: والجاموس لا يقل عن سنتين.
-الماعز: لا يقل عن سنة.
-الضأن: لاتقل عن سنة أيضًا.
كما يُفضل أن تكون الأضحية سمينة وسليمة وخالية من العيوب والأمراض لأن ذلك يزيد من فضلها ونفعها.
ما هو الوقت الأنسب لذبح الأضحية؟
الوقت الأنسب لذبح الأضحية هو من بعد صلاة العيد يوم النحر إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فتكون أيام الذبح أربعة : يوم العيد بعد الصلاة ، وثلاثة أيام بعده.