بينما يعاني قطّاع الخدمات الصحية في مجتمعات اللاجئين من نقصٍ شديد في الموارد، فهناك على الجانب الآخر أعداد ضخمة من المرضى الذين هم بحاجة للعلاج، هذا ما يجعل الواقع الصحّي للاجئين في وضع حَرج، وهنا سنسلّط الضوء على الأمراض المزمنة التي يعاني منها اللاجئون، ما هي؟ ما مسبباتها؟ وما السبيل للسيطرة عليها؟
الأمراض المزمنة الشائعة (غير المعدية)
أشارت منظمة الصحة العالمية (WHO) في أحدث تقاريرها، إلى أن الأمراض المزمنة (غير السارية) – كأمراض القلب والسرطان والسكّري وأمراض الجهاز التنفسي والكلى – هي السبب المباشر وراء حوالي (75%) من الوفيات في العالم أجمع، إذ يموت على إثرها (17) مليون إنسان ممن لم يبلغوا السبعين عام سنوياً، تعيش غالبيتهم العظمى في البلدان النامية منخفضة الدخل، التي تضم أعداد ضخمة من اللاجئين.
أمراض القلب
هناك العديد من عوامل الخطر المؤدية للإصابة بأمراض القلب والأوعية والشرايين، ويصعب تحديد الأسباب المباشرة في معظم الحالات، ولكن مما لا شكَّ فيه هو اِنتشار مجموعة من هذه المسببات في مجتمعات اللاجئين، نتيجة ما مرّوا به من أزمات نفسية وجسديّة، إضافةً إلى سوء ظروفهم المعيشيّة والصحيّة. إليك أهم هذه المسببات:
- سوء التغذية الحاد وغياب الأنظمة الغذائية الصحيّة.
- التوتر والإجهاد النفسي المستمر الذي يتعرض له اللاجئون يومياً.
- قلّة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضية.
- التدخين والإدمان.
- اِنعدام النظافة في المخيمات، مما يساهم في اِنتقال الجراثيم إلى اللاجئين وإصابة القلب بسهولة.
- تزداد فرص الإصابة بأمراض القلب عند وجود الأمراض المزمنة الأُخرى كالضغط والسكّري.
أمراض السرطان
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن السرطان وحده كان السبب الرئيسي بوفاة ما يقدّر بـ (10) ملايين إنسان في العام (2020)، وعلى الرغم من اِنتشار مختلف أنواع السرطان في مختلف المجتمعات والطبقات، إلّا أن الأمر لدى اللاجئين أصعب بكثير، نظراً للعجز الرهيب الذي تعانيه الأنظمة الصحيّة لديهم، ونقص الأدوية الخاصّة بالسرطان وغلاء أسعارها.
ترتفع نسب الشفاء في الكثير من أنواع السرطان، في حال الكشف المبكر وتطبيق خطط العلاج مباشرةً، لكن هذا ما يصعب حدوثه في ظلّ اِنحسار التمويل عن المؤسسات الإغاثية الطبيّة، مما يدفعنا أحياناً نحو اتّخاذ قرارات مؤلمة عندما نضطر لتقديم العلاج لبعض الحالات دون غيرها.
أمراض الجهاز التنفسي المزمنة
تنتشر الأمراض التنفسية المزمنة – مثل الربو، وداء الاِنسداد الرئوي المزمن، وأمراض الرئة وفرط ضغط الدم الرئوي – بكثرة بين اللاجئين وتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطواقم الطبيّة، ورغم أن العوامل الوراثية من أهم أسباب الإصابة بهذه الأمراض، إلّا أن الظروف البيئية السيئة والمهيّجات الخارجية المسببة للحساسية قد تكون أكثر خطراً.
أهم أسباب الأمراض المزمنة التي تصيب الجهاز التنفسي لدى اللاجئين:
- التدخين بكافة أشكاله.
- الغبار وتلوث الهواء.
- الدخان الناتج عن حرق المواد الضارّة بغرض التدفئة في فصل الشتاء.
داء السكري
يعدُّ داء السكّري من أخطر الأمراض المزمنة التي تصيب اللاجئين ولا يمكن الاِستهانة به إطلاقاً، لأنه يؤدي إلى حدوث اِرتفاع أو اِنخفاض غير طبيعي في مستويات السكر في الدم، كما صرّحت منظمة الصحة العالمية في أحد دراساتها أنَّ:
“داء السكري هو أحد الأسباب الرئيسية للعمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلى”.
تعمل الطواقم الطبيّة على قدم وساق لأجل التشخيص المبكّر عن السكري بين اللاجئين وعلاجه، لكننا على يقين بأنَّ الآلاف منهم عاجزين عن تأمين الأدوية اللازمة لعلاج السكّري مثل جرعات الأنسولين وغيرها، بالتالي ترتفع نسبة الخطر التي قد تؤدي إلى بتر أحد الأطراف أو الوفاة في بعض الحالات.
الفشل الكلوي
تُضاف مشاكل الكلى إلى قائمة الأمراض المُزمنة التي يعاني منها اللاجئون، إذ أن مرضى الفشل الكلوي غالباً ما يواجهون مشاكل لوجستية ونفسية وماديّة في رحلة علاجهم، خصوصاً من هم بحاجة لغسيل الكلى بشكل دوري، كما أن اِرتفاع تكاليف العلاج ونقص الأجهزة الطبيّة يزيد من المأساة ويضاعف العبء على قطّاع الخدمات الصحيّة المعني برعاية اللاجئين.
آثار الأمراض المزمنة على حياة اللاجئين
تتجسّد المعاناة بأقسى صورها عندما يفقدُ الإنسان وطنه وأهله وذكرياته، ثم يخسر ما تبقّى له من صحّة وعافية، فهذا ما وصل إليه حال الآلاف من اللاجئين في سوريا، ممن يعيشون في ظروفٍ أقلُّ ما يُقال في وصفها أنها مأساويّة.
ومن أهم الآثار التي تتركها الأمراض المزمنة على حياة اللاجئين:
- زيادة الأعباء الماديّة المُلقاة على كاهل العائلات بسبب اِرتفاع تكاليف العلاج.
- سوء الحالة النفسيّة للمرضى وذويهم.
- اِرتفاع احتمالية وفاة المرضى نتيجة عدم تقديم الرعاية الصحيّة الملائمة.
النقاط الطبية في المخيمات
تفتقر بعض المخيمات إلى وجود المراكز الطبيّة وسط اللاجئين، رغم أن توفّرها سيلعب دوراً كبيراً في تحسين الصحة البدنية والنفسيّة للاجئين، وإننا نطمح إلى تغطية كافّة هذه المخيمات، حيث تعمل مرافقنا الطبيّة الكائنة في مخيمات اللجوء على توفير الخدمات الآتية:
- تقديم الرعاية الدورية لأصحاب الأمراض المزمنة.
- إقامة حملات اللقاح للصغار والبالغين.
- إجراء العمليات الجراحيّة ومعالجة الإصابات البالغة.
- خدمات الصحّة النفسية والعقلية.
- تدريب وتأهيل الطواقم الطبيّة والممرضين.
- توفير خدمات الصحة الجنسيّة، الإنجابية، والعناية بالأمهات والرضّع.
حلول منظمة سيما في التصدي للأمراض المزمنة عند اللاجئين
لدينا مجموعة من الحلول التي تهدف للسيطرة على الأمراض المزمنة لدى اللاجئين وعلاجها وأهمّها:
- إقامة حملات التشخيص المبكّر عن الأمراض غير السارية بجميع أنواعها.
- رسم الخطط العلاجية والعمل بها بأسرع صورة ممكنة.
- السيطرة على عوامل الخطر التي تسبب الإصابة بهذه الأمراض.
- إقامة حملات التوعية الصحية للاجئين لأجل الحد من مظاهر التدخين والممارسات المؤذية، واتّباع روتين صحّي وفقاً للإمكانيات المتاحة.
- زيادة أعداد النقاط الطبيّة في مخيمات اللاجئين لاِستيعاب المزيد من المرضى.
- تجهيز العيادات المتنقلة للوصول إلى اللاجئين المقيمين في المناطق النائية.
نسعى جاهدين في منظّمة سيما العالمية إلى تحسين الواقع الصحّي في مجتمعات اللاجئين المستضعفين، مع وجود عشرات المراكز الطبيّة والعيادات المتنقلة ومئات الآلاف من المستفيدين، ونطمح إلى مضاعفة هذه الأرقام باِنضمامك ودعمك لنا. تذكّر أن تبرّعك مهما كان بسيطاً فإنّه سيساهمُ في إنقاذ الأرواح.
الأسئلة الشائعة
كم عدد الأمراض المزمنة؟
هناك العديد من الأمراض المزمنة وجميعها يندرج تحت:
أمراض القلب.
أمراض السرطان.
أمراض الجهاز التنفسي.
داء السكري.
الفشل الكلوي.
ما هو تعريف المرض المزمن؟
المرض المزمن هو المرض الذي يدوم لفترات طويلة، وتنجم عن مزيج من العوامل الوراثية والفيزيولوجية والبيئية والسلوكية، ولا تنتشر عن طريق العدوى أو عن طريق أشخاص آخرين. تحتاج للعلاج المستمر ونادراً ما يشفى المريض منها تماماً.
ما هو المرض المزمن الذي لا علاج له؟
معظم الأمراض المزمنة لا يتم علاجها تماماً، لكن يمكن التخفيف من حدّتها والوقاية منها من خلال الأدوية المنتظمة واتّباع نظام غذائي صحّي. عدا أمراض مثل الأيدز والزهايمر وأنواع محدّدة من السرطان.
ما هي أسباب الأمراض المزمنة؟
الأسباب الرئيسية للأمراض المزمنة هي:
التدخين والإدمان.
سوء التغذية وغياب النظام الغذائي الصحيّ.
قلّة الحركة وعدم ممارسة التمارين الرياضية.
اِنعدام النظافة.
التوتر والإجهاد النفسي المستمر.
هل يعتبر مرض السكر من الأمراض المزمنة؟
نعم، يعتبر مرض السكّري من الأمراض المزمنة التي تحتاج للعلاج المستمر.