الأضحية شعيرة من أعظم شعائر الإسلام، ولا بدَّ للمؤمن أن يتحرّى فيها القرب من الله تعالى وإظهار المحبّة والعطاء والتعظيم لله سبحانه، إذ قال تعالى: {ذَ ٰلِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} الحج 32].
سنعرض لكم في هذا المقال ما ورد عن أهل العلم في أفضل أنواع الأضاحي من الأنعام، والشروط الواجبة في الذبيحة من الأضاحي لتكون مقبولة عند الله، بالإضافة إلى طريقة توزيعها وفقاً للسنّة الشريفة وهدي التابعين.
شروط الأضحية الصحيحة
على الرغم من عِظَم أمر الصدقة بكافة أنواعها؛ إلّا أنَّ الأضحية ليست كغيرها من الصدقات، فهي شعيرة من شعائر الله ولها شروطٌ وضوابط محدّدة لا تصحِّ إلّا بتوافرها، وهي:
نوع الأضحية
قال عزَّ اسمه في الأضحية: {لِّیَشۡهَدُوا۟ مَنَـٰفِعَ لَهُمۡ وَیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِیۤ أَیَّامࣲ مَّعۡلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِیمَةِ ٱلۡأَنۡعَـٰمِۖ فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡبَاۤىِٕسَ ٱلۡفَقِیرَ} [الحج: 28].
وبهيمة الأنعام هي (الإبل والبقر والغنم والمعز) سواءً كانت ذكراً أم أُنثى، ولا يَصحُّ التضحية بغيرها.
عمر الأضحية
لا يكفي أن تكون الأضحية من الحيوانات المذكورة فحسب، بل يجبُ أن تبلغ مرحلة معيّنة من العُمر،
وذلك لحديث رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لاَ تَذْبَحُوا إِلاَّ مُسِنَّةً إِلاَّ أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ) [رواه مسلم – 1963].
والمُسِنَّة هي الثنية أو الثني من الإبل والبقر والماعز والغنم، وفيما يلي تفصيل العُمر الواجب لكل نوع من الأنعام:
- الإبل:
لا يجزئ من الإبل إلا ما أتم 5 سنين.
- الأبقار:
لا يجزئ من البقر إلا ما أتم سنتين.
- الماعز والغنم:
ولا يجزئ من المعز إلا ما أتم سنة، وأما الضأن فيجزئ منها الجذع، وهو ما أتم 6 أشهر.
العيوب التي لا يجب أن تتوافر في الأضحية
بالإضافةِ إلى العمر المحدّد للأضحية، فهناك مجموعةٌ من العيوب التي تُبطل قبول الأضحية في حال تواجد أحدها في الحيوان المُراد ذبحه، وتفصيل هذه العيوب كالآتي:
- العوراء البيّن عورها؛ أي التي غطّى البياض أغلب عينيها أو أصابها العمى الكامل.
- العرجاء البيّن عرجها؛ أي شديدة العرج أو كسيرة الأرجل.
- المريضة شديدةُ المرض؛ لا سيما لو كان مرضاً مُعدياً أو ضارّاً في لحمها.
- العجفاء التي لا تُنْقِي؛ هي شديدة الهزال والضعف.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه حيث قال: (سمعْتُ رسولَ الله ﷺ – وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله ﷺ – يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ التي لا تُنْقِي). [سنن النسائي – 4371].
بالإضافة إلى ما حرّمه الله تعالى في قوله: {حُرِّمَتۡ عَلَیۡكُمُ ٱلۡمَیۡتَةُ وَٱلدَّمُ وَلَحۡمُ ٱلۡخِنزِیرِ وَمَاۤ أُهِلَّ لِغَیۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ وَٱلۡمُنۡخَنِقَةُ وَٱلۡمَوۡقُوذَةُ وَٱلۡمُتَرَدِّیَةُ وَٱلنَّطِیحَةُ وَمَاۤ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّیۡتُمۡ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ} [المائدة: 3]
العيوب الصغيرة التي تجزئ في الأضحية
وقد اختلف جمهور العلماء في صحة الأضحية في حال وجود أحد العيوب الصغيرة مثل:
- مكسورة القرن.
- مقطوعة الذيل.
- مكسورة الأسنان.
- ذات العرج البسيط غير البيّن.
ولكن أشار معظمهم إلى أنّه لا حرج فيها وأنها مقبولةٌ عند الله، ومع ذلك يُفضّل أن تكون سليمةً صحيحةً لا عيب فيها، إذ قال رسول الله ﷺ: (يا أيُّها النَّاسُ إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا) [الترمذي – 2989].
الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام
اختلف الفقهاء في الإجابة عن سؤال “ما هو الأفضل في الأضحية من الحيوانات؟” على النحو التالي:
- القول الأول: الأفضل في الأضحية الإبل ثم البقرة ثم الغنم:
وذلك لأنَّ الفائدة من الإبل أكبر وأنها أكثر لحماً، إضافة لحديث رسول الله ﷺ عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: “من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر” [متفقٌ عليه].
- القول الثاني: أنَّ الغنم أفضل أنواع الأضحية:
لأنَّه ما ثبت عن النبي ﷺ أنه ضحى إلا بالغنم، فعَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ في سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ في سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ في سَوَادٍ، فَأُتِيَ به لِيُضَحِّيَ به). [صحيح مسلم – 1967].
ثم إنَّ الفداء الذي قدمه سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام والمذكور في قوله تعالى: (وَفَدَیۡنَـٰهُ بِذِبۡحٍ عَظِیمࣲ) [سورة الصافات 107]، قد كان كبشاً.
التفضيل بين الحيوانات للأضحية
تُعدُّ الأضحية تعبيراً عن قرب العبد من الله تعالى وشكره على نعمه، وهي شعيرةٌ من شعائر الله الخاصة، لذا ينبغي على المسلم المؤمن أن يقدّم أفضل ما بوسعه لله تعالى، لذا يُمكن اعتبار الكبش أعظم وأفضل أنواع الغنم، وأنَّ الذبيحة السمينة أفضل من غير السمينة، كما يرى بعض أهل العلم أن الشاة البيضاء أفضل من السوداء والغبراء.
تقسيم الأضحية وتوزيعها على المستفيدين
قال تعالى: (فَكُلُوا۟ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُوا۟ ٱلۡبَاۤىِٕسَ ٱلۡفَقِیرَ) [سورة الحج 28].
ليس هناك طريقةٌ واحدةٌ لتقسيم لحم الأضحية وتوزيعها، لعدم وجود نصوصٍ تدلُّ على ذلك، فالأمر في هذا واسع، إلّا أن بعض الفقهاء استحبوا تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام:
قال الإمام أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله: يأكل هو الثُلث، ويطعم من أراد الثُلث، ويتصدق على المساكين بالثُلث. وبعض الفقهاء قال: تجعل نصفين: يأكل نصفاً، ويتصدق بنصف.
التصدق بالأضحية للاجئين والمهجرين
توكيل سيما لذبح الأضحية وتوزيعها على المحتاجين
تُشرف فِرق منظمة سيما العالمية (الرابطة الطبية للمغتربين السوريين / SEMA) على إقامة وتنظيم مشاريع توزيع الأضاحي للاجئين والفقراء ممن يعيشون داخل المخيمات والمساكن المتهالكة في ظلِّ انعدام أدنى مقومات الحياة من غذاءٍ ودواء وكساء، ولا نبالغ عندما نقول أنَّ هناك بعض العائلات التي لم تتذوق طعم اللحم منذ عيد الأضحى الماضي!
لذلك ندعوكم للمساهمة معنا في إدخال الفرحة إلى قلوبهم في أيام العيد المُباركة، عبر التبرع بثمن الأضحية وترك المهمّة لنا، حيث نراعي الأصول الصحيحة في ذبح الأضحية وفقاً للشريعة الإسلامية، ومن ثمّ إيصالها للمحتاجين الحقيقيين.
ساهم معنا الآن وكن على يقين من وصول أضحيتك إلى مستحقيها.
الأسئلة الشائعة
ما هي أنواع الأضاحي؟
أنواع الأضاحي التي يمكن التضحية بها هي بهيمة الأنعام: أي (الإبل والبقر والغنم والماعز) سواءً كانت ذكراً أم أُنثى، ولا يَصحُّ التضحية بغيرها.
ما أفضل الأضاحي بالترتيب؟
قد اختلف الفقهاء في الإجابة عن أفضل الأضاحي بالترتيب على النحو التالي:
القول الأول: الأفضل في الأضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم-
القول الثاني: أنَّ الغنم أفضل أنواع الأضحية-
كيف يتم اختيار خروف العيد؟
يتم اختيار خروف العيد بحيث يكون خالٍ من العيوب المُبطلة لقبول الأضحية وهي:
العوراء البيّن عورها، أي التي غطّى البياض أغلب عينيها أو أصابها العمى الكامل-
العرجاء البيّن عرجها أي شديدة العرج، أو كسيرة الأرج-
المريضة شديدةُ المرض، لا سيما لو كان مرضاً مُعدياً أو ضارّاً في لحمها-
العجفاء التي لا تُنْقِي، أي شديدة الهزال والضعف-
كيف يتم تقسيم وتوزيع الأضحية؟
إن آراء المذاهب الفقهية في كيفية توزيع وتقسيم الأُضحية شرعاً يُمكن تقسيمها لثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو رأي الحنفيّة والحنابلة باستحباب تقسيم الأُضحية إلى ثلاثة أجزاء، ثلث للفقراء،
وثلث للمضحي، وثلث للإهداء، وقال الحنفيّة إنّ الأفضل للمُضحي إن كان مُوسِراً أن يتصدق بالثلثين، ويأكل الثّلث.
القول الثاني: قال الشافعيّة بأفضلية توزيع الأُضحية على الفقراء والمحتاجين، وأن يأكل منها المُضحّي القليل.
القول الثالث: قال المالكيّة بعدم وجود قسمةٍ مُعينة في توزيع الأُضحية، فللمُضحّي الحرية الكاملة في تقسيمها، وتوزيعها كما يشاء، فيأكل منها ما يشاء، ويتصدق بما يشاء، ويُهدي ما يشاء، ويوزّع الأضحية على الأقارب.
المصادر