شرّع الله سبحانه وتعالى الزكاة لحِكم كثيرة تتجلى في حياة المؤمن الدنيوية والأخروية، ويمتد تأثير هذه الزكاة التي يدفعها الفرد إلى المجتمع ككل، ولا سيما الفقراء والمحتاجين بما فيهم اللاجئين والنازحين، ويتوسع أثر الزكاة على هذه الفئات ليغطي جميع جوانب حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
سنتعرف في هذا المقال على أهمية الزكاة بشكل عام وفوائد إخراج الزكاة على الشخص المزكي، وأثر الزكاة على اللاجئين
المرضى ودورها في توفير الاحتياجات الأساسية من علاج ومأكل ومشرب ودعم نفسي ومعنوي.
أهمية إخراج الزكاة
الزكاة في أصل اللغة هي الطهارة والنماء والبركة، وقد أكد القرآن الكريم على هذا المعنى في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103].
وتختلف الزكاة عن الصدقة بأمر أساسي وهو أن الزكاة تكون بإخراج المال أو الاستحقاقات العينية وفق ما فرضه الشرع بعد تحقيق شروط الزكاة، بينما تكون الصدقة بإخراج المال أو غيره تطوعاً دون وجود فرض أو واجب شرعي، بالشكل الذي يناسب كل فرد.
وتعد الزكاة ركيزة أساسية من ركائز الإسلام وركن من أركانه، إلى جانب كونها وسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن في المجتمع، وتعزيز الروابط الإنسانية بين أفراد المجتمع وتحميهم من الفقر والحاجة.
وتشمل الزكاة جميع الأصناف المالية والعينية القابلة للتداول، مثل النقد والذهب والفضة والأسهم والسلع من زروع ومواشي، وتختلف نسبة الزكاة المفروضة بحسب نوع المال وقيمته.
وتظهر أهمية إخراج الزكاة في العديد من الجوانب ومنها:
- سبب لنيل الأجر والثواب: إذ تعتبر الزكاة من الأعمال الصالحة التي يُثاب عليها المسلم، وتعكس تقربه من الله سبحانه وتعالى.
- تنشر الرحمة والتآلف في المجتمع: فإخراج الزكاة يعكس روح الرحمة والتعاطف الإنساني، وتساعد على تعزيز الروابط الإنسانية بين أفراد المجتمع غنيهم وفقيرهم.
- تحافظ على استقرار المجتمع: لأنها تساعد في تحقيق التوازن الاجتماعي والاقتصادي بين الطبقات، وتحمي الفئات المستضعفة فيه من الفقر والعوَز، وتساعد في تحسين مستوى معيشتهم.
فوائد إخراج الزكاة على الشخص المزكي
ولا تقتصر أهمية الزكاة على حياة الفرد في الدنيا بل يمتد أثرها على حياته في الأخرة ومصيره النهائي فيها، إذ تأتي الزكاة كحِرز للمزكي من النار، لقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: 17، 18].
ومن الفوائد العظيمة التي يتحصل عليها المُزكّي عند إخراجه للزكاة:
- يكفّر الله بها عن المُزكّي الذنوب والخطايا لقول النبي ﷺ: (الصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النَّارَ) [أخرجه الترمذي – 614].
- سبب لأن ينال رحمة الله سبحانه، لقوله تعالى في محكم تنزيله: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ} [لأعراف:156].
- سبب لأن يكون المُزكّي تحت ظل عرش الرحمن في الآخرة، إذ قال رسول الله ﷺ: (كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقتِهِ حتَّى يُفصلَ بينَ النَّاسِ) [أخرجه أحمد – 17333].
- سبب لأن يخلف الله عليه في ماله لقوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ:39].
- تطهر نفس المُزكّي من البخل والشح المادي والمعنوي، لقول الله تعالى في كتابه الكريم: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:103].
مساهمة الزكاة في توفير العلاج اللازم للاجئين المرضى
إن الزكاة تساهم في تأمين المورد المالي الذي يمكن استغلاله لتلبية حاجات الفقراء والمحتاجين الأساسية، وفي ظل زيادة أعداد اللاجئين والنازحين عالمياً ازدادت الحاجة لتقديم مزيد من الخدمات الصحية لهم وخاصة للمرضى منهم.
وتساهم الزكاة في توفير العلاج اللازم للاجئين المرضى من خلال:
- توفير الأدوية والعلاجات الأساسية لهم.
- تأمين العيادات والمراكز الطبية في المخيمات.
- شراء المستلزمات الصحية والمعدات الطبية الخاصة (مثل الكراسي المتحركة).
- تغطية تكاليف العمليات الجراحية.
- توظيف الأطباء والممرضين والفنيين الطبيين.
- توفير العلاج المجاني أو بأسعار مخفضة للاجئين المرضى.
- تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لتخفيف آثار الحرب والنزوح والمرض.
- تمويل حملات التوعية حول الأمراض المزمنة وطرق الوقاية والعلاج الصحيحة.
أثر الزكاة في توفير المأكل والمشرب للاجئين المرضى
تساعد أموال الزكاة في توفير المأكل والمشرب للاجئين المرضى بالطرق التالية:
- شراء الأطعمة الأساسية من خلال توزيع السلال الغذائية أو توفير الوجبات الجاهزة في المأوى الخاص بهم.
- تأمين الوجبات الخاصة بالأطفال والمرضى الذين يحتاجون إلى حمية غذائية خاصة وملائمة لكل حالة.
- تأمين المياه النظيفة الصالحة للشرب من خلال حفر الآبار أو بناء الخزانات المناسبة وجمع المياه فيها، توزيعها على مراكز اللاجئين المرضى.
- تأمين الخدمات اللوجستية المطلوبة لإعداد الطعام في مخيمات اللاجئين ومراكز المرضى، من تجهيزات المطابخ وأدوات ومستلزمات الطبخ.
- تنظيم حملات جمع التبرعات من طعام أو أموال لشراء الطعام أو الأغذية مُسبقة التحضير من قبل المطاعم والمؤسسات الإنسانية.
- تنفيذ حملات توعية حول الغذاء الصحي وكيفية الحصول عليه للحد من الإصابة بالأمراض المتعلقة بالتغذية غير الصحية.
بهذه الطرق يمكن للأموال أن تساعد في توفير المأكل والمشرب للاجئين المرضى، وتخفيف معاناتهم وتحسين أوضاعهم الصحية والمعيشية.
دور الزكاة في تقديم الدعم النفسي والمعنوي للاجئين المرضى
يمكن للزكاة أن تؤدي دوراً كبيراً وتساهم في تقديم الدعم النفسي والمعنوي للاجئين المرضى، وذلك من خلال توظيف المستشارين النفسيين والمتخصصين في الصحة النفسية، وتوفير المراكز الخاصة لتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرضى.
كما يمكن تنظيم البرامج التدريبية وورش العمل للمتطوعين والعاملين في المجال النفسي، لتزويدهم بالمهارات اللازمة لتقديم الدعم النفسي والمعنوي للاجئين المرضى.
وتساهم أموال الزكاة أيضاً في تمويل البرامج والأنشطة الترفيهية التي تُحسِّن من الحالة النفسية للمرضى اللاجئين من بالغين وأطفال بما يخفف من الضغط النفسي والمعنوي الذي يعانون منه.
التخفيف من الأعباء المالية للاجئين المرضى
تساعد الزكاة في تخفيف الأعباء المالية للاجئين المرضى وتحسين جودة حياتهم وتقليل الضغط المالي عليهم، ويمكن استخدام أموال الزكاة بطرق مختلفة ومتعددة لتلبية الاحتياجات المختلفة للمرضى وعائلاتهم.
وأوجه تخفيف الزكاة من الأعباء المالية للاجئين المرضى كثيرة، ومن ذلك توفير الرعاية الصحية لهم وتحمل أعباء وتكاليف العلاج والدواء، وتقديم الدعم المالي الذي يعينهم في معيشتهم، إلى جانب الدعم التعليمي والتدريبي الذي يؤهلهم إلى دخول سوق العمل بعد تعافيهم، بما يخفف المزيد من أعبائهم المالية والنفسية.
تبرعك، تمنح الشفاء والرعاية للاجئين المرضى. كل لحظة تهتم فيها تجعل فارقًا في حياتهم
سيما ودعم اللاجئين المرضى
يمكن توزيع أموال زكاة على اللاجئين المرضى من خلال الاستعانة بالمنظمات والجمعيات الخيرية والإغاثية المتخصصة، والتي تستطيع الوصول إلى أماكن تواجد اللاجئين والنازحين.
ومن هذا المنطلق تسعى الرابطة الطبية للمغتربين السوريين SEMA (سيما) إلى تقديم الخدمات الطبية لجميع فئات اللاجئين بما فيهم المرضى بمختلف حالاتهم الطبية.
ويمكن لمساهمتك بالتبرع معنا في سيما أن تدعم جهودنا الموجّهة للاجئين والنازحين عبر مسار الأعمال الإغاثية ومسار المشاريع التنموية ومسار المشاريع النهضوية.
إلى جانب دعم برامجنا الطبية التي تشمل توفير المشافي الجراحية وخدمات الرعاية الصحية، وبرامج الحماية والدعم النفسي، وغيرها من البرامج التي تواكب احتياجات الفئات الأكثر حاجة بين اللاجئين وخاصة المرضى منهم.
تبرع الآن بزكاتك لبرامجنا المختلفة في سيما والمُصممة لخدمة اللاجئين والنازحين وتحسين حياتهم إلى الأفضل. كُن على يقين أن زكاتك سوف يتم استثمارها في برامجنا الخيرية المختلفة وتوجيهها بالطريقة المُثلى لخدمة مجتمعات اللاجئين والنازحين المرضى في المجالات الصحية التالية: الصحة الإنجابية، والرعاية الصحية الأولية، ومراكز غسيل الكلى، وغيرها.
مساهمتك معنا حتى لو كانت قليلة؛ إلا إنها تُحدث فرقاً كبيراً في حياة اللاجئين الذين نسعى إلى زرع الابتسامة على وجوههم المتعبة.
الأسئلة الشائعة
ما هي آثار الزكاة على المجتمع؟
إن آثار الزكاة على المجتمع كثيرة ومنها نشر الرحمة والتآلف بين الأفراد والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي بين طبقات المجتمع.
ما هي الآثار المترتبة على إهمال إخراج الزكاة؟
من الآثار المترتبة على إهمال إخراج الزكاة؛ فقدان البركة والحرمان من الأجر والثواب، إلى جانب الدخول في دائرة غضب الله على من يمتنع عن أداء الزكاة المفروضة.
هل أجر الزكاة كأجر الصدقة؟
إن أجر الزكاة وأجر الصدقة كبير ولا يمكن تحديده، إلا أن الأولى هو أداء الزكاة المفروضة ثم أداء الصدقات، ويبقى الأجر مضاعف وعلمه عند الله، لقوله سبحانه: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [ البقرة: 261].